سلالة الصديق

historybio.jpg

 سيَر ، وتراجم الأعلام من ذرية سيدنا أبي بكر الصديق – رضي الله عنه ، الرجال والنساء والأسباط ، على مر الزمان ، وعلى إمتداد العمران والبلدان .

مرتبة تنازلياً حسب عام الوفاة ، وهو قسم متجدد بإستمرار إن شاء الله تعالى. 

الشيخ جلبي خليفة

الشيخ جلبي خليفة([1]):

الشيخ العارف بالله شمس الدين ، ومحيي الدين ، محمد جلبي سلطان ، الشهير بجلبي خليفة بن محمد الجَمَالي البكري الخلوتي الرومي، الفقيه، المُحدّث، المفسر، من نسل الشيخ جمال الدين الأقسرائي الذي هو من ذرية الإمام فخر الدين الرازي البكري التيمي القرشي، فهو جمال الدين محمد بن محمد بن محمد بن فخر الدين الرازي.

كان مشتغلاً بالعلم أولاً، وعند اشتغاله بالشرح المختصر للتلخيص غلب عليه محبة الصوفية ومال إلى طريقتهم، وإختلى أولاً ببلاد قرامان عند الشيخ عبد الله من خلفاء الشيخ علاء الدين الخلوتي، وفي أثناء تلك المدة أتى المولى علاء الدين إلى بلاد قرامان فذهب إليه ورآه لابساً جبة سوداء وعمامة سوداء وراكباً على فرس أسود، وأظهر له المحبة. فقال الشيخ علاء الدين إن أردت هذه الجبة أعطيتك إياها. فأجاب هو بأن لبس الخرقة ينبغي أن يكون بإستحقاق ولا إستحقاق لي أن ألبسها. وقال الشيخ إذاً تحتاج إلى توابعي. فلم يلبث الشيخ إلا وقد توفي بتلك البلاد. وتوفي بعده الشيخ عبد الله.

 ثم أتى إلى بلدة توقات وجلس في الخلوة عند الشيخ المعروف بابن طاهر، وكان يأمر مريديه بالرياضة القوية حتى أن بعضهم لم يصبروا على ذلك فطردهم من عنده، فبقي هو عنده وحده، واشتغل بالرياضة حتى قيل للشيخ يوماً في حقه أنه مشتغل بالرياضة القوية. فقال خله حتى يموت. وكان ذلك الشيخ من طائفة التراكمة وكان أمياً إلا أنه كان في باطنه قوة عظيمة. وإتفق له في تلك الأيام واقعة كشف الحال، فقصّها على الشيخ، فعامل الشيخ معه بعد ذلك بالملاطفة، ثم توفي الشيخ.

وذهب بعده إلى بلدة ارزنجان وصاحب هناك مع المولى بيري، ثم قصد أن يذهب إلى بلاد شروان للوصول إلى خدمة السيد يحيى، ولما انفصل عن ارزنجان مسافة يومين استمع وفاة السيد يحيى، ورجع إلى ارزنجان ولازم خدمة المولى بيري، وأرسله هو إلى بلاد الروم لارشاد الفقراء.

حُكي أن الوزير محمد باشا القراماني كان وزيراً للسلطان محمد خان، وكان يميل إلى السلطان جم، وينقص السلطان بايزيد خان – (هو السلطان بايزيد الثاني بن السلطان محمد الفاتح فاتح القسطنطينية ، وهو والد السلطان سليم الأول فاتح مصر) - عند والده، فتضرّع السلطان بايزيد خان إلى الشيخ جلبي خليفة فاستعفى عن ذلك. فزاد السلطان بايزيد خان في التضرع فتوجه إليه فرأى أولياء قرامان في جانب السلطان جم، فقصدهم الشيخ المزبور فرموه بنار وأخطأته وأصابت بنته، وبعد أيام مرضت البنت وماتت.

بايزيد الثاني.jpg

 

 

فتضرع إليه السلطان بايزيد خان وأبرم عليه، فتوجه ثانياً وحضر أولياء قرامان فقالوا له ماذا تريد؟ فقال إن هذا الرجل - وأراد الوزير محمد باشا القراماني - قد أبطل أوقاف المسلمين وضبطها لبيت المال، ففرغ الكل عن الإنتصار له وما بقي إلا الشيخ ابن الوفاء. يقول "طاشكبرى زاده": ورأيته قد رسم حول الوزير المذكور دائرة. قال فدخلت الدائرة بجهد عظيم وسيظهر الأثر بعد ثلاثة وثلاثين يوماً.

حكى بعض أقربائه عنه أنّه حصلت لي في أثناء ذلك التوجه غيرة عظيمة حتى روي أنه وصلت النكبة في تلك المدة إلى كل من يسمى بمحمد. قال الراوي وأنا إسمي بمحمد، وعند ذلك كنت صبياً فصعدت على شجرة فانكسر غصنها فوقعت وشج رأسي، وعند ذلك كنا في بلدة أماسيه فعدّوا فيها أربعين رجلاً اسمه محمد قد وصلت النكبة إلى كل منهم.

روي أنه لمّا تم ثلاثة وثلاثون يوماً جاء خبر وفاة السلطان محمد خان فتوجه السلطان بايزيد خان إلى قسطنطينية، وبعد خمسة أيام من توجهه سمع في الطريق أن الوزير محمد باشا قد قُتل.

حُكي أن الشيخ ابن الوفاء عمل له وفق مائة في مائة، وكان يحمله الوزير على رأسه، وعند وفاة السلطان محمد خان عرق عرقاً كثيراً لشدة حيرته وخوفه، فانطمس

بعض بيوت الوفق المذكور، فأرسله إلى الشيخ ابن الوفاء ليصلحه، فقتل الوزير المزبور قبل وصول الوفق إليه. ولعل هذا ما رآه الشيخ المزبور من رسم الشيخ ابن الوفاء دائرة حول الوزير المذكور.

ثم أن السلطان بايزيد خان بعد جلوسه على سرير السلطنة أرسل الشيخ المزبور مع أربعين رجلاً من أصحابه إلى الحج ليدعوا هناك لدفع الطاعون من بلاد الروم. فأعطى الشيخ صرة من الدراهم، وأعطى كل واحد من أصحابه ثلاثة آلاف درهم. فمات الشيخ في الطريق ذهاباً.

رُوي أنه بعد توجه الشيخ إلى الحج خف الطاعون في قسطنطينية عدة سنين، بل إنقطع في تلك المدة بإذن الله تعالى قدس الله سره العزيز.

وقد ذكر الشيخ المؤرخ عبد الرحمن الجبرتي (المتوفى سنة 1237 هـ) في "تاريخه" سند الطريق "الخلوتي" الصوفي للشيخ جلبي خليفة، فقال: ( ...ثم لقَّن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه - الحسن البصري على الصحيح عند أهل السلسلة الاخيار من المحدثين. ثم لقن الحسن البصري حبيباً العجمي، وهو لقن داود الطائي، وهو لقن معروفاً الكرخي، وهو لقن سرياً السقطي، وهو لقن أبا القاسم سيد الطائفتين الجنيد البغدادي وعنه تفرقت سائر الطرق المشهورة في الإسلام. ثم لقن الجنيد ممشاد الدينوري، وهو لقن محمد الدينوري، وهو لقن القاضي وجيه الدين، وهو لقن عمر البكري، وهو لقن أبا النجيب السهروردي، وهو لقن قطب الدين الأبهري، وهو لقن محمد النجاشي، وهو لقن شهاب الدين الشيرازي، وهو لقن جلال الدين التبريزي، وهو لقن إبراهيم الكيلاني، وهو لقن أخي محمد الخلوتي وإليه نسبة أهل الطريق، وهو لقن بير عمر الخلوتي، وهو لقن أخي بيرام الخلوتي، وهو لقن عز الدين الخلوتي، وهو لقن صدر الدين الخيالي، وهو لقن يحيى الشرواني صاحب ورد الستار، وهو لقن بير محمد الارزنجاني، وهو لقن جلبي سلطان المشهور بجلبي خليفة) اهـ بإختصار.

من آثاره: معراج الأرواح في قواعد التعبير، تفسير آية الكرسي، جامعة الأسرار والغرائب، شرح الأربعين القدسية في الحديث، وتفسير الفاتحة.

كانت وفاته سنة 886 هـ / 1481 م .

 

إعداد: أحمد عبدالنبي فرغل الدعباسي البكري

أمين عام السجادة البكرية – رئيس لجنة تحقيق الأنساب


تاريخ النشر
يوم 1 رمضان 1438 هـ / 26 مايو 2017 م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر والمراجع:

  1. شذرات الذهب في أخبار من ذهب ، عبد الحي بن أحمد بن محمد ابن العماد العَكري الحنبلي ، أبو الفلاح (المتوفى: 1089 هـ) ، تحقيق: محمود الأرناؤوط ، دار ابن كثير، دمشق – بيروت ، الطبعة الأولى 1406 هـ - 1986 م .
  2. الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة ، نجم الدين محمد بن محمد الغزي (المتوفى: 1061 هـ) ، تحقيق: خليل المنصور ، دار الكتب العلمية - بيروت ، الطبعة الأولى 1418 هـ - 1997 م .
  3. سلم الوصول إلى طبقات الفحول ، مصطفى بن عبد الله القسطنطيني العثماني المعروف بـ «كاتب جلبي» وبـ «حاجي خليفة» (المتوفى 1067 هـ) ، تحقيق: محمود عبد القادر الأرناؤوط ، مكتبة إرسيكا - إستانبول ، سنة 2010 م .
  4. الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية ، أحمد بن مصطفى بن خليل، أبو الخير، عصام الدين طاشْكُبْري زَادَهْ (المتوفى: 968 هـ) ، دار الكتاب العربي – بيروت.
  5. تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار ، عبد الرحمن بن حسن الجبرتي المؤرخ (المتوفى: 1237 هـ) ، دار الجيل – بيروت.
  6. معجم المفسرين : من صدر الإسلام وحتى العصر الحاضر ، عادل نويهض ، قدم له: مُفتي الجمهورية اللبنانية الشَّيْخ حسن خالد ، مؤسسة نويهض الثقافية للتأليف والترجمة والنشر - بيروت ، الطبعة الثالثة 1409 هـ - 1988 م .
  7. معجم المؤلفين ، عمر بن رضا بن محمد راغب بن عبد الغني كحالة الدمشق (المتوفى: 1408 هـ) ، مكتبة المثنى - بيروت، دار إحياء التراث العربي - بيروت .

 


([1]) سلم الوصول إلى طبقات الفحول 3/ 299 ، الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة 2/ 236 ، شذرات الذهب في أخبار من ذهب 10/ 313 ، الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية صـ 162-164 ، تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار 1/ 346 ،  معجم المفسرين 2/ 622 ، معجم المؤلفين 11/ 203