سلالة الصديق

historybio.jpg

 سيَر ، وتراجم الأعلام من ذرية سيدنا أبي بكر الصديق – رضي الله عنه ، الرجال والنساء والأسباط ، على مر الزمان ، وعلى إمتداد العمران والبلدان .

مرتبة تنازلياً حسب عام الوفاة ، وهو قسم متجدد بإستمرار إن شاء الله تعالى. 

زبدة الأولياء محمد صادق البكري الصديقي النقشبندي

زبدة الأولياء ، العارف بالله ، رئيس السالكين ، العلامة ، الشيخ محمد صادق البكري الصديقي النقشبندي رحمه الله تعالى .

IMG-20170604-WA0016.jpgصورة الشيخ محمد صادق البكري الصديقي النقشبندي

زبدة الأولياء ، العارف بالله ، رئيس السالكين العلامة محمد صادق رحمه الله تعالى ، كان من الأولياء الصالحين الذين كرّسوا حياتهم لخدمة الإسلام والمسلمين ، وأنه نشر نور القرآن في أرجاء العالم وأطرافه ، ووزّع خيرات حب الرسول عليه الصلاة والسلام للبشرية جمعاء .

إن نسب رئيس السالكين العلامة محمد صادق - رحمه الله تعالى -  يصل إلى سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه ، تنحدر هذه الأسرة عن الإبن البكر لسيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه : سيدنا عبد الرحمن رضي الله عنه .

ومن أولاد سيدنا عبد الرحمن رضي الله عنه ، سيدنا أحمد بن محمود رضي الله عنه ، والذي كان يحكم "اليمن " آنذاك .

ومن اللافت للنظر أن من ولد سيدنا أحمد بن محمود رضي الله عنه ،  سيدنا كمال الدين محمد يمني رضي الله عنه ، وهو الذي قام بتدريس الشيخ مولانا بهاء الدين زكريا الملتاني رحمه الله تعالى ، وبعد ذلك هاجر سيدنا كمال الدين محمد اليمني إلى المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والتسليم ، ودرّس هناك الحديث النبوي على صاحبه أفضل الصلاة والتسليم قرابة خمسين عاماً ، وهذه سعادة لا يساويها سعادة أخرى لأن الحديث الشريف أمام الرسول عليه الصلاة والسلام من فضل الله سبحانه وتعالى على سيدنا ومولانا كمال الدين محمد اليمني الذي بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة كما تلقّاها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم :

وكلهم من رسول الله ملتمس ... غرفاً من البحر أو رشفاً من الديم

ولا يفوتنا أن نذكر أن هذه الأسرة المباركة هاجرت إلى شبه القارة الهندوباكستانية في القرن السابع الهجري ، وشرفت هذه الأراضي بتقبيل أقدامهم الشريفة ونالت سعادة عظمى بوجودهم ، ومن بينهم الذين أكرموا أهالي هذه المنطقة ، سيدنا الشيخ قوام الدين رضي الله عنه بن سيدنا الشيخ حسام الدين رضي الله عنه .

قد حصل سيدنا الشيخ قوام الدين رضي الله عنه على الخلافة الروحانية من الشيخ سيدنا نظام الدين رضي الله عنه وأرضاه ، وقد ولّي حكم ولاية " رهتك " من قبل الحكومة آنذاك ، وعندما انتقل إلى جوار الله ودفن في " رهتك" ودفنت زوجته عين البدر بنت القاضي سلطان محمد سرخ ذوالقرني رحمه الله تعالى .

لقد عرفت القرية " رهتك " بوجود آل أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه بإسم " مهم  شريف " (ابو الفضل ، آئين أكبري ، ص من 292 إلى 301) .

وهكذا استمرت هذه الأسرة تخدم الإسلام والمسلمين في بقاع الأرض حتى وصل سيدنا الشيخ القاضي فتح الله القادري الشطاري إلى مدينة "ميربور، كشمير " وأقام هناك بالتماس من السلطان فتح محمد خان گکھڑ رحمه الله تعالى ، وأنه اعترف بفضل الأسرة الصديقية ، ولذلك أنه قام بتزويج إبنته مع سيدنا الشيخ القاضي فتح الله الصديقي الشطاري رحمه الله تعالى ، ومن هنا جرى آل نسب سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وانتشر في تلك المنطقة بمحاسن الإيمان والتقوى والزهد وحب الله ورسوله عليه الصلاة والسلام.

 

"  ولادة رئيس السالكين سيدنا الشيخ محمد صادق رحمه الله تعالى "

وكان من عادة والده القاضي محمد سلطان عالم  رحمه الله تعالى أن يراقب مراقبة روحية بجنب ضريح والده القاضي محمد ركن عالم رحمه الله تعالى ، فرآى في عالم الاستغراق بأن والده يحمل ولداً صالحاً وأعطاه وقال خذ هذا " محمد صادق " ، وبعد ذلك انكشف هذا السرّ عندما التحق سيدنا الشيخ محمد صادق رحمه الله تعالى بالمدرسة الإبتدائية ، ومرّة قال بشأن تغيير الإسم فقال والده أن جدّك سمّى هذا الإسم ، وحكى قصة كاملة .

تربّى شيخنا سيدنا العلامة محمد صادق رحمه الله تعالى على يد والده القاضي محمد سلطان عالم رحمه الله تعالى ، وأنه أدّبه فأحسن تأديبه حتى تفتحت أزهار المحبة وورود الروحانية .

وفي هذا السياق قال سيدنا الشيخ العلامة محمد صادق رضي الله عنه بأنه تعلّم الأدب والعلم والروحانية من والده الكريم ، كما أخذ نصيباً تربوياً روحياً من والدته الطاهرة الطيبة ، ولذلك نرى آثاراً روحية في طبيعته وفطرته ؛ لأنه دائماً خلوق ورحيم ، وصاحب الأخلاق الطيبة المستقاة من القرآن والسنة على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم .

ومن المناسب أن نذكر أن والده سيدنا القاضي محمد سلطان عالم رحمه الله تعالى إنتقل إلى جوار الله عندما كان عمر ابنه إثنتا عشر سنة وهو طالب في الصف السادس ، وعاش يتيم الدهر ، بعد ذلك تولت تربيته والدته ، تربية علمية روحية خمسين سنة ، وهذا من الله سبحانه وتعالى أن يعمل على سنة نبيّه عليه الصلاة والسلام لكي يكون فانياً في حبه فناء كاملاً كما كان جدّه الأكبر سيدنا أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - فانياً في ذات الرسول عليه الصلاة والسلام .

وفي هذه المرحلة بدأ تعليمه عند العالم الجليل وحيد عصره ، العلامة أستاذ الكل ، فضيلة الشيخ محمد عبد الدوري رحمه الله تعالى ، وكان تلميذاً لفضيلة الشيخ مولانا نور أحمد - رحمه الله تعالى - في مكة المكرمة ، وحصل على العلوم والفيوض من فضيلة الشيخ الحاج إمداد الله المهاجر المكّي رحمه الله تعالى .

لقد تلقي سيدنا العلامة فضيلة الشيخ محمد صادق رحمه الله تعالى العلوم والفنون ثمّ دخل في المجاهدات والعبادات التي أهلته لأداء دوره في خدمة العباد والبلاد لا سيّما تلقين العباد ذكر الله ورسوله عليه الصلاة والسلام.

لقد تزوّج سيدنا فضيلة الشيخ محمد صادق البكري الصديقي رحمه الله تعالى بإمرأتين عرفتا بالزهد والتقوى ، وقد رزقه الله تعالى من زوجته الأولى الإبن فضيلة الشيخ محمد عبد الواحد - رحمه الله تعالى - وبنتين .

فضيلة الشيخ سيدنا الحافظ عبد الواحد رحمه الله تعالى من خدام الدين ، وأنه تمكن من الخلافة الروحية من والده الكريم عممّ الله فيوضه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وأنه عاش حياته في الزاوية السلطانية بمدينة جهلم باكستان .

 وأمّا زوجته الثانية فقد رزقه الله تعالى منها الإبن:  فضيلة الشيخ قرّة عيون السالكين ، أبو أمامة الحافظ محمد زاهد البكري الصديقي حفظه الله تعالى ، والذي تلقّى العلوم والفنون من والده الكريم وأخذ الخلافة والإجازة منه ، وولّي منصب البيعة والإرشاد في الزاوية الفتحية بمدينة " كوتلي" كشمير .

IMG-20170604-WA0015.jpgالشيخ محمد صادق البكري وبجواره ولده الشيخ محمد زاهد أبو أمامة

اشتغل فضيلة الشيخ الحافظ محمد زاهد البكري الصديقي حفظه الله تعالى في مجال نشر الوعي الإسلامي في باكستان وخارجها ، ونشر نور القرآن ،ووزّع خيرات حب الرسول عليه الصلاة والسلام للبشرية جمعاء.

 

عمله في بناء المساجد :

ومن المعلوم أن سيدنا ومولانا رئيس السالكين فضيلة الشيخ محمد صادق رحمه الله تعالى أخذ حظاً روحيّاً وفيراً من الحضرة الإلهية في بناء المساجد كما جاء في سورة التوبة : "إنّما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر".

فظهر من هذا أن بناء المساجد وإعمارها من تكميل الإيمان والشعور بالحضور في يوم الجزاء أمام الله تعالى ، ولذلك نرى أن فضيلة الشيخ سيدنا ومولانا رئيس السالكين العلامة محمد صادق رحمه الله تعالى قام بتعمير المساجد في كشمير وباكستان وخارجها ليكون الإيمان كاملاً للعباد الذين يريدون معرفة الله حقّ معرفته ، وفي هذا الإطار لقد ذكر في الصحيحين عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم يقول " من بنى مسجداً يبتغي به وجه الله بنى الله له بيتاً في الجنة " .

ومن ذلك أنه بنى مساجد ومدارس كثيرة ، ونظّم فيها الأنظمة التعليمية للطلاب والناس أجمعين ، وهذا المشروع لإتاحة الفرص للناس أن يعبدوا الله عزّ وجلّ ، ويحبّوا الله ورسوله عليه الصلاة والسلام عن طريق الحضور في المساجد .

IMG-20170604-WA0014.jpg

حبه للقرآن الكريم :

ولا شكّ فيه أن سيدنا ومولانا فضيلة الشيخ العلامة محمد صادق أحبّ القرآن الكريم وألزم تعليمه  وحفظه في المساجد والمدارس التي بناها ، وقد عيّن المحفّظين فيها لتحفيظ القرآن ، وقد أتى الناس إليها أفواجاً لحفظ القرآن الكريم وتخرّج فيها آلاف من الطلاب بالحصول على شرف حفظ القرآن الكريم ، ثم انتشروا في أرجاء العالم وأطرافه لنشر الأنوار القرآنية .

وهناك عادة طيبة في الزاوية الفتحية بمدينة " كوتلى " كشمير ، قراءة جزء واحد من القرآن الكريم كل يوم في صلاة الفجر وهكذا تكون ختمة القرآن في الشهر ، وهذا التقليد من زمان حتى يومنا هذا ، أدعو الله تعالى أن تدوم هذه التقاليد الحسنة في تربية الأجيال القادمة .

وبناء على ذلك عندما يدخل الناس المسجد بالزاوية الفتحية يرون الملائكة يطوفون حوله ويستمعون للقرآن الكريم الذي قرأه الحفظة الكرام هناك وهذا من تربية شيخنا ومرشدنا رئيس السالكين سيدنا العلامة محمد صادق رحمه الله تعالى .

 

 حبه للرسول عليه الصلاة والسلام :

حب الرسول عليه الصلاة والسلام أساس الإيمان ولذلك قيل أن الوليّ يعكس فيه نور النبي عليه الصلاة والسلام لأنه وارث النبي عليه الصلاة والسلام ، فالوارث يرث ما ترك من الذي انتقل إلى جوار الله .

فوراثة النبي عليه الصلاة والسلام ، هي سنّته الشريفة ، وذاته الشريفة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام ، فالزاوية "الفتحية" تعمل عمل جدّها سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه في حب الرسول عليه الصلاة والسلام ، ولذلك نرى شيخنا الجليل سيدنا رئيس السالكين محمد صادق - رحمه الله تعالى - يركزّ على ذات النبيّ عليه الصلاة والسلام وسنته الطاهرة التي لا بدّ من العمل عليها لتزكية النفوس وتلقّي الفيوضات الروحية من حضرة الرسول عليه الصلاة والسلام .

 

خدمة الخلق:

خدمة الخلق هي من أهمّ التقاليد بالزوايا الصوفية ، وهذا من عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ، لأن الخلق عيال الله ، ولذلك يهتّم الصوفية وأولياء الله الصالحين بالناس الذين يأتون إليهم وقت البأس ، أو يأوون إليهم لتلقّي الفيوضات ، فهم يضيّفونهم بكل ما يحتاجون من الحاجات الدنيا والآخرة .

فموجز الكلام أن سيدنا وشيخنا رئيس السالكين العلامة محمد صادق رحمة الله تعالى عليه بقيّة السلف الصالح ، وأنه قدّم نموذجاً طيباً أمام العالم للسير على للحصول على التقرب في الحضرة الإلهية وتلقّي الفيض الروحي من حضرة الرسول عليه الصلاة والسلام ، وأنه أحيا سنة جدّه الأكبرسيّدنا أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه ، وهي التي تتمثّل في حب الرسول عليه الصلاة والسلام ، وتتجسّد في إرضاء الله عزّ وجلّ .

IMG-20170604-WA0017.jpg

أدعو الله تعالى أن يرفع درجات سيدنا ومولانا فضيلة الشيخ قرّة عيون السالكين العلامة محمد صادق - رحمه الله تعالى - في جنت الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً ، فجزاه الله عنّا أحسن الجزاء.

 

نقلاً عن نجله: فضيلة الشيخ أبو أمامة محمد زاهد البكري الصديقي النقشبندي.

الزاوية الصوفية "الفتحية" بمدينة " كوتلى " بكشمير  الحرة .

 

بعناية : الدكتور حافظ محمد منير – باكستان .

رئيس قسم اللغة الأوردية بدار الإفتاء المصرية - القاهرة .


تاريخ النشر
يوم 1 رمضان 1438 هـ / 26 مايو 2017 م