سلالة الصديق

محمد زكريا الكاندهلوي^([1]): الإمام العلامة شيخ الحديث بالهند، محمد زكريا بن محمد يحيى بن محمد إسماعيل الصديقي البكري الكاندهلوي ثم المدني الحنفي. وُلِد لإحدى عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة 1315 هـ بـ "كاندهلة" من أعمال "مظفر نكر" بالهند، في بيت عريق في العلم والدين، إمتاز رجاله وأسلافه بعلو الهمة، وشدة المجاهدة، والتمسك بالدين والصلابة فيه، والحرص على حفظ القرآن وقراءته وطلب العلوم الدينية.

ونُقل إلى "كنكوه" وهو قريب العهد بالفطام، فدبّ ودرج بين الصالحين والعلماء الراسخين، وقرأ مبادئ اللغة الأردية والفارسية على عمه الشيخ محمد إلياس بن محمد إسماعيل الكاندهلوي صاحب دعوة التبليغ المشهورة، وحفظ القرآن. ثم انتقل مع والده سنة 1328 هـ إلى "سهارنفور" المركز العلمي الكبير، وأقبل على العلم، واشتغل به بهمة عالية وقلب متفرغ، وبدأ درس الحديث الشريف على والده، فقرأ عليه وعلى غيره من العلماء.

عُيّن مُدرّساً في "مظاهر العلوم" التي كان يُدرّس فيها شيخه – ووالده من قبل – غرة محرم سنة 1325 هـ وهو أصغر الأساتذة سناً، وأُسند إليه تدريس كتب لا تُسند عادة إلى أمثاله في العمر، وأثبت المدرّس الشاب جدارته وقدرته على التدريس، حتى أصبح رئيس أساتذة هذه المدرسة، وانتهت إليه رئاسة تدريس الحديث أخيراً. سافر بصحبة شيخه السهارنفوري إلى الحج عام 1344 هـ فحصلت له في الحجاز الإجازة العامة والخلافة المطلقة عن الشيخ خليل أحمد، وسافر إلى الحج للمرة الخامسة في شهر صفر عام 1389 هـ وصاحبه فيها العلامة أبو الحسن الندوي.

توفي في آخر شهر رجب سنة 1402 هـ، وشيعت جنازته في جمع عظيم قلما رآه الناس لعالم أو كبير في المدينة المنورة، ودفن بجوار شيخه المحدث الكبير "خليل أحمد السهارنفوري". وللشيخ محمد زكريا الكاندهلوي من المؤلفات ما يزيد عن الـ 140 مؤلفاً، منها المطبوع والمخطوط، ومنهم: "أسباب سعادة المسلمين وشقائهم في ضوء الكتاب والسنة"، و"الأبواب والتراجم لصحيح البخاري"، و"بذل المجهود في حل أبي داود"، و"أوجز المسالك إلى موطأ مالك"، و"لامع الدراري على جامع البخاري"، وغيرهم الكثير.