صالح بن سيف بن حمد العتيقي
صالح بن سيف بن حمد العتيقي([1]): الشيخ صالح بن سيف بن حمد بن محمد العتيقي، وُلِد الشيخ صالح في حرمة من بلاد سدير بنجد سنة 1163هـ. وتنتسب أسرته إلى العتيق أبي بكر الصديق التيمي القرشي رضي الله عنه. وكان والده عالماً فاضلاً وإماماً لمسجد السليمية في حرمة، وله مدرسة ومكتبة في المجمعة أوقف عليها نخلاً وعقاراً للإنفاق على طلبة العلم.
درس الشيخ صالح على يد والده سيف بن حمد ونشأ على المذهب الحنبلي. ثم أرسله والده مع صديقه الشيخ محمد بن عبد الله بن فيروز من علماء الأحساء فدرس عليه منذ صغره. ولازم الشيخ محمد بن فيروز عالم الأحساء ودرس على غيره من العلماء مثل عيسى بن مطلق والسيد عبد الرحمن الزواوي المالكي، وغيرهم من علماء الأحساء ومكة والمدينة. حتى نبغ وتبحر في الفقه والحديث واللغة العربية والحساب. ومما قرأ على شيخه ابن فيروز صحيح البخاري فتقدم في علم الحديث وحصلت له شهرة ذائعة.
سكن الشيخ صالح المبرز من نواحي الأحساء وتولى قراءة الحديث في مدرسة ابن فيروز والتعليم في مدرسة الخريشي، فكان يدرس بها العلوم الشرعية على طريقة الكتاب السائدة في ذلك الوقت. ثم انتقل إلى بلد الزبارة الواقعة شمال قطر ولازم أحمد بن محمد بن رزق الوائلي القادم من الكويت. وكان ابن رزق من أثرى الناس في زمانه وقد أنشأ مسجداً جامعاً في بلدة الزبارة، فكان الشيخ صالح يتولى الإمامة والخطابة فيه، بالإضافة إلى تدريس العلوم الشرعية. وكان الشيخ صالح صديقاً مقرباً لأحمد بن رزق حتى أنه كان يكتب له رسائله الخاصة إلى الملوك والحكام. وكان المترجم له حسن الخط فكان ينسخ الكتب النافعة ابتغاء نشر العلم وثواب الانتفاع به. ومما نسخ بخطه كتاب "غاية المرام في فضل الصلاة على سيد الأنام" للسيوطي، و"شرح الصدور بحال الموتى في القبور" للسيوطي أيضاً، و"هداية طلاب قوانين الحُسَاب إلى معالم الحساب" من تأليف شيخه بن فيروز. وكان المُترجم له يحرص على نقل هذه العادة الحميدة إلى تلاميذه الذين كان منهم أحمد بن لاحق الذي نسخ لشيخه ديوان شعر ابن المقرب العيوني الذي صار فيما بعد من أهم مراجع تاريخ الأحساء.
كان الشيخ صالح يتمتع بذكاء وقاد مكّنه من الإحاطة بعدة علوم مثل الحديث والفرائض والحساب والفلك. وكان بالإضافة إلى ذلك ذا خط جميل وصوت رقيق وُصف بأنه يصغي لسماعه الحمام. ومع ذلك فقد كان شجاعاً مقداماً حتى قيل أن فيه جراءة لا توجد في غيره من الأنام. وأضاف معاصره الشيخ عثمان بن سند بأنه: "جمع مع العلم أدباً وافراً ونظماً كالأمثال أمسى سائراً وفضلاً جلياً كالنص ظاهراً ودماثة أخلاقٍ وبهجة لم تزل ذات بياض وإشراق وبياض أعراض وإقبالاً على الطاعة بلا إعراض وأفعالاً لم تدنس باعتراض". وقد أكد ابن سند مرة أخرى على مهارة المُترجم في الأدب ونظم الشعر قائلاً "فحكى برقة نظمه ديوان الصبابة وبوعظه ابن نباته ولا غرابة". ومن صفاته أيضاً الوفاء وقوة العاطفة التي تجلت واضحة في رثائه لشيخه. وكان الشيخ صالح شاعراً مكثراً، رغم أن أغلب شعره لم يصل إلينا بعد.
انتقل المترجم مع الشيخ محمد بن فيروز إلى البصرة واستقر في الزبير. وله من الأبناء ثلاثة: عبد الله وعبد العزيز وعبد الرحمن. وابنه عبد الله كان من أهل العلم وقد وهبه أبوه كُتباً نافعـة، مثل كتاب "الوسايل إلى معرفة الأوايل" للسيوطي، و"غاية المرام في فضل الصلاة على سيد الأنام" للجلال السيوطي.
توفى الشيخ صالح بن سيف سنة 1223 هـ في آخر شهر صفر؛ ودُفِن في مقبرة الزبير بن العوام رحمه الله. وانتقل أبناؤه بعد وفاته إلى الكويت حيث يقيم أقاربهم، ومن ذريته عبد اللطيف بن عبد الله بن الشيخ صالح العتيقي؛ وهو غير عبد اللطيف العتيقي الذي كان من أكبر تجار الكويت فى عصره. ومن ذرية الشيخ صالح: منيرة بنت عبد الرحمن بن صالح العتيقي التي استقرت في مكة المكرمة وتزوجت من محمد بن علي بن عبد الرحمن المضايفي العدواني، ولها وقف بمكة المكرمة في شعب بني عامر عند زقاق الحمام بموجب وثيقة مؤرخة في سنة 1306 هـ.
المصدر: كتاب السلالة البكرية الصديقية - الجزء الثاني ، لأحمد فرغل الدعباسي البكري.
تاريخ النشر
يوم 1 رمضان 1438 هـ / 26 مايو 2017 م
([1]) نقلاً عن موقع "أسرة العتيقي" الإلكتروني؛ والترجمة من اعداد: أ.د عماد بن محمد العتيقي ، ووردت الترجمة كذلك في: أعلام في الكويت والجزيرة العربية 4/ 70-74