سلالة الصديق

سيدي الشيخ عبد القادر السماحي^([1]): سيدي الشيخ عبد القادر بن محمد بن سليمان بن أبي سماحة السماحي البوبكري الصديقي القرشي، الشهير بسيدي الشيخ. يعود إليه نسب قبيلة "أولاد سيدي الشيخ" بدول المغرب العربي والشمال الأفريقي. وينتمي الشيخ عبد القادر إلى الدوحة البكرية الصديقية، وإلى ذروة المجد سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ويُنسب الشيخ عبد القادر فيقال: السماحي البوبكري الصديقي، والسماحي نسبة إلى أحد أجداده وإسمه "بو سماحة"، والبوبكري نسبة إلى سيدنا أبي بكر الصديق.

وقد تحدث عن النسب البكري القرشي لأجداد قبيلة أولاد سيدي الشيخ: العلامة سيدي محمد بن محمد الأعرج الغريسي نجاراً الفاسي داراً السليماني نسباً المالكي مذهباً المتوفى في فاس نحو سنة 1340 هـ في "تسهيل المطالب لبغية الطالب"، وهو شرح للمنظومة المسماة "بغية الطالب في ذكر الكواكب" للعلامة الشيخ سيدي عيسى أبي مهدي بن موسى التيجيني الغريسي المتوفى بغريس^([2]) سنة 962 هـ، فقال "سيدي محمد الأعرج" عند شرحه لهذا البيت (وهو من جملة أبيات وردت في المنظومة وتتحدث عمن استوطن "غريس" من الأولياء، وأشار فيها الناظم "سيدي موسى بن عيسى التيجيني" إلى النسب البكري لأحد أجداد قبيلة أولاد سيدي الشيخ)، حيث قال التيجيني:

فقال سيدي محمد الأعرج شارحاً للبيت: (وأما سيدي محمد بن أبي بكر من سلالة سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وهذا النسب الصديقي اثبته غير واحد من المحققين وكفى بالناظم حجة، ويعرف بسيدي معمر مشهور بغريس وقبره من جملة المزارات، ومن حفدته الشيخ سيدي عبد القادر بن محمد المعروف بسيدي الشيخ ابن الدين، جد أولاد سيدي الشيخ القبيل المشهور، ومن قرابته سيدي معمر دفين مدينة تلمسان بالباب الغربي وهو من مزاراتها رحمهم الله ونفعنا بهم) اهــ^([3]). قلت: هذا يعتبر من أقدم إثباتات النسب البكري القرشي لأجداد سيدي الشيخ عبد القادر بن محمد "جد قبيلة أولاد سيدي الشيخ".

وكذلك ذكر العلامة النسابة أحمد بن محمد بن أبي القاسم العشماوي ثم المكي (كان حياً سنة 1142 هـ) في كتابه "السلسلة الوافية والياقوتة الصافية في أنساب أهل البيت المطهر أهله بنص الكتاب" أن نسب سيدي الشيخ عبد القادر بن محمد يعود إلى سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فقال عند معرض حديثه عن سيدي علي بن عبد الله المكنى بو أشنافة: (ولماذا سمي بأبي شنافة؟، لأنه أشار عليه سيدي عبد القادر بن محمد رضي الله عنه في زمانه الذي هو من ذرية أبي بكر الصديق رضي الله عنه وسماه في بطن أمه علي أبي شنافة) اهـ^([4]).

وُلِد سيدي الشيخ بالشلالة الظهرانية "ولاية النعامة بالجزائر حالياً" سنة 940 هـ / 1533 م، وأمّه: السيدة أم الخير الجفيرية بنت سيدي علي بن سعيد، من اّل سيدي زيان الودغيريين الفجيجين مستقراً، الشرفاء الأدارسة نسباً.

تُقدّمه الموسوعة المغربية تحت إسم "الفكيكي عبد القادر بن محمد بن سليمان بن أبي سماحة البكري الصديقي" بالتعريف التالي: "اشتهر رحمه الله بتوقد الذكاء، وحضور البديهة، وحدة الخاطر منذ طفولته، واشتهر في كهولته متصوفاً شاذلي الطريقة في مشرق المغرب وغربه، وفي مصر والشام والحجاز، ومكنته هذه الشهرة من الإتصال بالملوك السعديين، والوزراء والمشايخ والعلماء، وأصحاب المكانة المرموقة، وكانت زاويته "بفجيج" قبلة نفر كبير من المريدين، وطُلّاب السر والطريقة. أشاد بسمت الشيخ وكرمه ونبله وحسن شيمته الرحالة "يوسف بن عابد بن محمد الحسني الفاسي". ولأنه أقام بفجيج مدة مؤثراً في نسيجها الثقافي والإجتماعي سميناه فجيجياً، وقرأ القرآن والعلوم الشرعية بفجيج بزاوية سيدي عبد الجبار التي كانت منارة علم، لم ينشأ قبلها ولا بعدها مثلها بفجيج. أخذ العلم عن محدث وقته العالم العارف بالله سيدي "أبي القاسم بن محمد بن عبد الجبار" وعمه سيدي "إبراهيم بن عبد الجبار"، ثالوثاً يتميز عن كل رجالات العلم والفكر والأدب الذين درجوا على أرض فجيج الطيبة، بما أضافوه من إضافات نوعية إلى خزينة الثقافة المغربية. وقد وَرث - سيدي الشيخ – التتلمذ على اّل سيدي عبد الجبار عن أبيه وجدّه، فلقد كان جده "سليمان بن أبي سماحة" تلميذاً  لــ "عبد الجبار"، وكان والده "محمد بن سليمان" تلميذاً لــ "محمد بن عبد الجبار"، وكان هو تلميذاً لــ "أبو القاسم بن محمد".

انتقل سيدي الشيخ عبد القادر البوسماحي البوبكري إلى بلدة "الأبيض" التي بها مقر زاويته الأم، وضريحه وأضرحة أبنائه المرموقين، ووقت مجيئه لها كانت "الأبيض" تحت نفوذ الدولة السعدية وعاصمتها فاس، وإن كانت بالأساس هي منطقة صحراوية بتراوح النفوذ فيها بين أتراك الجزائر والدولة السعدية بالمغرب. كما أخذ سيدي عبد القادر السماحي عن سيدي "عبد الرحمن السكوني"، بالزاوية السكونية، التي كان لها إشعاعات وروادها وعلماؤها، وأدّت – بجدارة – دورها العلمي المنوط بها. والشيخ عبد القادر البوسماحي البوبكري هو مؤسس الطريقة الشيخية الشاذلية ببلدان المغرب العربي.

وكانت وفاة الشيخ عبد القادر بكراكدة، يوم الجمعة الثاني من ربيع الأول سنة 1025 هـ / 1616 م، وصلى عليه صهره سيدي "امحمد عبد الله بن عبد الكريم"، بوصية منه، ونُقِل إلى الأبيض حيث دُفِن. وتُسمّى الأبيض اليوم بـ "الأبيض سيدي الشيخ" نسبة إليه – رحمه الله.

وذكر أبو سالم العياشي في "الرحلة العياشية" أنه مرّ بضريح الشيخ عبد القادر بن أبي سماحة حين قفوله من رحلة الحج، وقال أن ضريح الشيخ عبد القادر يُزار. وكانت رحلة العياشي هذه سنة 1072 هـ / 1661 م، وأخذت قرابة عامين.