سلالة الصديق

historybio.jpg

 سيَر ، وتراجم الأعلام من ذرية سيدنا أبي بكر الصديق – رضي الله عنه ، الرجال والنساء والأسباط ، على مر الزمان ، وعلى إمتداد العمران والبلدان .

مرتبة تنازلياً حسب عام الوفاة ، وهو قسم متجدد بإستمرار إن شاء الله تعالى. 

زين العابدين البكري

زين العابدين البكري([1]): الشيخ الإمام العلامة زين العابدين علي بن القطب سيدي محمد الكبير بن أبي الحسن تاج العارفين بن جلال الدين أبي البقاء القرشي البكري الصديقي المصري الشافعي، كان عالماً صوفياً، وقام مقام أبيه من بعده، وكان أخوه أبو السرور من العلماء، إلا أنه لم يبلغ درجة الشيخ زين العابدين في التصوف والتكلم بلسان المعرفة، وكان كثير من أهل مصر يقولون: بدايته بنهاية أبيه. وكان فاضلاً بارعاً في العربية وعلوم البلاغة والتفسير، وله شعر لطيف، ومن ألطفه:

اسقنا قهوة غدافية اللون
وأدرها من خالص البن صرفاً
وأتّبع قول أشرف الرسل حقاً
 

 

حلالاً تُفرّج الهم عنا
لا تشب حسنها بغير فتشنا
قال قولاً "من غشنا ليس منا"
 

أخذ العلم عن والده سيدي محمد أبيض الوجه وعن غيره، وشيخه المختص بتعليمه الشيخ بدر الدين البرديني. وحُكِي أن الشيخ محمد أبيض الوجه البكري لما حضرته الوفاة قال لخادمة له: نادي لي زين العابدين، فذهبت ونادت أبا السرور، فقال لها بعد أن خرج: نادي لي زين العابدين، فإنك إذا ناديته ولم تناد غيره فأنتِ حرة. فذهبت ونادت له زين العابدين، قالت: فلما دخل على والده، قال له: اجلس، وأملى عليه شيئاً، ثم قال له: فهمت، فهمت. قال: نعم. قال: قم الآن. فلما توفي والده ظهر بما ظهر به من المعارف والحقائق، وعلت رتبته، وسمعت كلمته، وبسطت سطوته حتى عرض فيه بعض القضاة. ويُقال أن الذي عرض فيه عبد الوهاب أفندي حين كان قاضياً بمصر، وكان السبب أنه وقع بينهما في شيء، فلما كان يوم الأحد ثالث ربيع الأول سنة 1013 هـ طلع الشيخ زين العابدين إلى إبراهيم باشا بعد العصر على عادته، فأحضر السماط، ثم القهوة، فلما أكلوا وشربوا خرّ الشيخ زين العابدين مغشياً عليه، وحمل إلى بيته ومات، فقيل أنه مات مسموماً، وقيل: بل مات مخنوقاً. ولم يبق إبراهيم باشا بعده إلا أياماً يسيرة حتى وقع بينه وبين عساكر مصر فقتلوه، وحملوا رأسه على رمح، وطوفوا به مصر، وكان كثير الناس يعتقدون أن ذلك عقوبة له بسبب ذلك.

 وقيل في موت الشيخ زين العابدين البكري:

أقام بمصر الجود قطباً لعصره
هو الفرد زين العابدين الذي به
به دوحة الصديق طابت فأصبحت
 

 

وفي كل عصر للأنام إمام
لجمع البرايا عروة وعصام
لها فوق طوبى رتبة ونعام
 

ذكره محمد ابن الطيب القادري الحسني (المتوفى سنة 1187 هـ) في "نشر المثاني" وساق نسبه حتى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ثم قال: وسند صاحب الترجمة عن والده عن جده [الشيخ] الحسن، ثالث عشر الأباء له – أي جده الأعلى: الحسن بن موسى بن يحيى بن يعقوب البكري – عن أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه([2]).

قلت: ذكر السيد محمد توفيق البكري بكتابه "بيت الصديق" أن الشيخ يحيى بن الحسن بن موسى بن يحيى بن يعقوب البكري – وهو الجد الأعلى لصاحب الترجمة – أخذ سند الطريقة عن طريقين، أحدهما عن الشيخ أبي الحسن الشاذلي رحمه الله، وهو يدعم ما سبق ذكره([3]).

 

المصدر: كتاب السلالة البكرية الصديقية - الجزء الثاني ، لأحمد فرغل الدعباسي البكري.


تاريخ النشر
يوم 1 رمضان 1438 هـ / 26 مايو 2017 م


([1])  هدية العارفين 1/ 379 ، عقد الجواهر والدرر في أخبار القرن الحادي عشر 1/ 110 ، لطف السمر وقطف الثمر 2/ 551-553

([2])  جاء في الكتاب المحقق المطبوع - في "موسوعة أعلام المغرب" - معلومات مغايرة، والأثبت لدينا هو ما أوردناه في المتن، وهذا نصّ ما جاء: (وذكر أن سند صاحب الترجمة عن والده عن جده إلى الحسن بن الحسن ثالث عشر عن أبي الحسن الشاذلي) ، انظر: موسوعة أعلام المغرب 4/ 1621

([3])  بيت الصديق صـ 374-376