سلالة الصديق

historybio.jpg

 سيَر ، وتراجم الأعلام من ذرية سيدنا أبي بكر الصديق – رضي الله عنه ، الرجال والنساء والأسباط ، على مر الزمان ، وعلى إمتداد العمران والبلدان .

مرتبة تنازلياً حسب عام الوفاة ، وهو قسم متجدد بإستمرار إن شاء الله تعالى. 

القاضي زين الدين ابن الوردي

القاضي زين الدين ابن الوردي([1]): الشيخ الإمام الفقيه النحوي الأديب الشاعر الناثر أبو حفص زين الدين عمر بن مظفر بن عمر بن محمد بن أبي الفوارس المعري، زين الدين ابن الوردي البكري الصديقي الشافعي، وُلِد بمعرة النعمان عام  689 هـ، وكان أحد فضلاء عصره وفقهائه وأدبائه وشعرائه، تفنن في علومه، وأجاد في منثوره ومنظومه. نشأ بحلب وتفقه بها وفاق الأقران، وجالس أكابر العلماء. وأخذ عن القاضي شرف الدين البارزي بحماة، وعن الفخر خطيب جبرين بحلب. ونظم البهجة الوردية في 5063 بيتاً، أتى على الحاوي الصغير بغالب ألفاظه، له: "ضوء الدرة" على ألفية ابن معطي، و"شرح الألفية" لإبن مالك، و"الرسائل المهذبة في المسائل الملقبة". وله: "مقامات" و"منطق الطير" في التصوف نظم ونثر، و"اللباب في علم الإعراب" قصيدة وشرحها، و"ضوء درة الأحلام في تعبير المنام" وهي أرجوزة في تعبير المنام. وله: "الكلام على مائة غلام" مائة مقطوع لطيفة، و"الدراري السارية في مائة جارية" مائة مقطوع كذلك. ومن نظمه "اختصار الملحة" للحريري غزل، واختصر الألفية لابن مالك في مائة وخمسين بيتاً وشرحها وغير ذلك.

جاء في الرسالة المسماة "نفحة العنبر في نسب الشيخ علي إسكندر للصديق الأكبر" ما نصّه: وفي غير الديار المصرية منهم "أي المنسوبين للصديق رضي الله عنه" جماعة، منهم: زين الدين عمر بن مظفر بن عمر بن محمد بن أبي الفوارس بن علي بن أحمد بن عمر بن فظلما "هكذا وهو محرف" بن سعيد بن القاسم بن النصر بن محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، عُرف بابن الوردي الحلبي، الإمام المشهور صاحب البهجة، وقد أشار ابن الوردي إلى نسبه البكري في لاميته، فقال:

غيرَ أني  أحمدُ اللهَ على       نسبي إذ بأبي بكرِ اتَّصل

 

وذكر الشريف مسعود بن حسن بن أبي بكر ابن بساط الحسني القناوي الشافعي في شرحه على لامية ابن الوردي، والذي انتهى منه سنة 1285 هـ ما نصّه: (الشيخ الإمام الهمام شيخ الإفتاء والتدريس المحقق المدقق المتبحر في الفقه والأدب وسائر العلوم زين الدين أبي حفص عمر بن مظفر بن عمر بن محمد بن أبي الفوارس الحلبي الشافعي البكري الصديقي، منسوب إلى أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - ونسبه معروف مشهور لا يُشك فيه)، ثم قال عند شرحه للبيت السابق: (أي لا تتوهم أيها السامع أن قولي "لا تقل أصلي" ناشئ من عدم اتصال نسبي بأصل شريف، بل هو من النصيحة المأمور بها، وإلا فأنا أحمد الله سبحانه وتعالى فإن نسبي متصل بأفضل الأولين والأخرين بعد النبيين والمرسلين وهو أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وتحدثت بذلك امتثالاً لقوله تعالى "وأما بنعمة ربك فحدث". ثم قال: واتصال نسبه بأبي بكر صحيح لا خلاف فيه) اهـ([2]).

وأيضاً قال ابن الوردي في ديوانه:

جدي هو الصديق واسمي عمر  
لكن يزيد ناقص عندي ففي
 

 

وابني أبو بكر وبنتي عاشة
ظلم الحسين ألف ألف فاحشة
 

وكذلك ذكر ابن الوردي في "تاريخ ابن الوردي" في حوادث سنة 722 هـ ما نصّه: (وفيها: في يوم الجمعة منتصف شهر رمضان المعظم توفي والدي بالمعرة، وحكى لي من حضر غسله أنه رحمه الله لما أجلس على المغتسل وارتفعت عنه الأيدي جلس على المغتسل مستقلاً ساعة وفاحت رائحة طيبة ظاهرة جداً، فتواجد الحاضرون وعليهم البكاء، نسبته رحمه الله تعالى إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه من ولد عبد الرحمن بن أبي بكر)اهـ([3]).

كما أنه قال في بهجته الوردية([4]):

والعصبات في الولا سوية
ختمتها بعد الثلاثين التي
فإن تعبها أو تضع منها العدا
فهي عروس بنت عشر
وكيف لي إذا سكنت اللحدا
 

 

هذا تمام البهجة الوردية
من بعد سبعمائة قد خلت
فاعذرهم فحقها أن تحسدا
بكر بكرية لها الدعاء مهر
بدعوة صالحة لي تهدى
 

وقد شرحها الشيخ زكريا الأنصاري الخزرجي الشافعي (المتوفى سنة 926 هـ) فقال: (هذا تمام البهجة الوردية، نسبة إلى "الوردي" المعروف به والد ناظمها كما مر أولها "ختمتها" وفي نسخة فرغتها "بعد الثلاثين" سنة "التي من بعد سبعمائة قد خلت" أي: مضت "فإن تعبها، أو تضع" أي: تحط "منها العدا" بضم العين وكسرها أي: الأعداء "فاعذرهم" في ذلك "فحقها أن تحسدا فهي عروس بنت عشر" لأنه صنفها في عشر سنين، وكل من مدخول هاتين الفاءين تعليل لما قبلها "بكر" يرغب فيها الطلاب كالبكر من النساء "بكرية" نسبة إلى أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - الواقع في نسب الناظم كما ذكره في كتابه أبكار الأفكار في الأدب والشعر حيث قال: محمد عند الله حي، وجدنا أبو بكر الصديق عند محمد، ونحن على من ساءنا سم ساعة ومن لم يصدق فليجرب ويعتد) اهـ([5]).

وجاء في حاشية الشيخ شهاب الدين أحمد بن قاسم العبادي على "الغرر البهية في شرح منظومة البهجة الوردية" ما نصّه: (ووجه الشبه في الأول بروزها تتجلى على بصائر الناظرين تتبختر للأكفاء الخاطبين، وفي الثاني تأليفها في عشر سنين، وفي الثالث كثرة الرغبة فيها كالبكر من النساء، وفي الرابع كون مؤلفها ينسب إلى أبي بكر الصديق - رضي الله عنه، والحاصل أن مشبهها بالعروس الحاوية للصفات المرغوبة فيها من حداثة السن، والبكارة، وشرف النسب) اهـ([6]).

وكان ينوب في الحكم في الكثير من معاملات حلب، ووُلي قضاء منبج فتسخطها، وعاتب ابن الزملكاني بقصيدة مشهورة على ذلك، ورام العود إلى نيابة الحكم بحلب فتعذر، ثم أعرض عن ذلك. وتوفي يوم 17 ذي الحجة من سنة 749 هـ في طاعون حلب بعد أن عمل مقامة سماها "النبأ في الوبأ"، وقال قبل موته بيومين:

ولست أخاف طاعوناً كغيري       
فإن مت استرحت من الأعادي  
 

 

فما هو إلا إحدى الحسنيين
وإن عشت إشتفت أذني وعيني
 

ويُروى أن شهاب الدين أحمد بن فضل الله العمري (المتوفى سنة 749 هـ) دخل قبل وفاته بمدة "معرة النعمان" فأنشد فيها:

وفي بلد المعرة دار علم   
هي الوردية الحلواء حسناً   
 

 

بنى الوردي منها كل مجد
وماء البئر منها ماء ورد
 

وقال أبو ذر في الكلام على درب بني السفاح "محلة السفاحية": وكان بهذا الدرب دار الشيخ زين الدين ابن الوردي، وقد خربت وصارت دمنة وجدد مكانها إصطبل.

 

المصدر: كتاب السلالة البكرية الصديقية - الجزء الثاني ، لأحمد فرغل الدعباسي البكري.


تاريخ النشر
يوم 1 رمضان 1438 هـ / 26 مايو 2017 م


([1])  الأعلام للزركلي 5/ 67 ، الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي 2/ 410 ، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة 13/ 229 ، شذرات الذهب في أخبار من ذهب 11/ 396 ، أعيان العصر وأعوان النصر 3/ 675-676 ، طبقات الشافعية الكبرى 10/ 373-374 ، بغية الوعاة 2/ 226 ، إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 5/ 7-17 ، البدر الطالع بمحاسن ما بعد القرن السابع 1/ 514  ، معجم المؤلفين 8/ 3 ، الكنى والألقاب 1/ 501-502 ، مخطوط: إيضاح بغية أهل البصارة في ذيل الإشارة للذهبي - تأليف: تقي الدين أبي الطيب الحسني الفاسي المالكي - الجزء الأول

([2])  فتح الرحيم الرحمن شرح لامية الأستاذ ابن الوردي نصيحة الإخوان صـ 2 ، 117

([3])  تاريخ ابن الوردي 2/ 265

([4])  الغرر البهية في شرح منظومة البهجة الوردية 10/ 683

([5])  الغرر البهية في شرح منظومة البهجة الوردية 10/ 486-487

([6])  الغرر البهية في شرح منظومة البهجة الوردية 10/ 487