سلالة الصديق

historybio.jpg

 سيَر ، وتراجم الأعلام من ذرية سيدنا أبي بكر الصديق – رضي الله عنه ، الرجال والنساء والأسباط ، على مر الزمان ، وعلى إمتداد العمران والبلدان .

مرتبة تنازلياً حسب عام الوفاة ، وهو قسم متجدد بإستمرار إن شاء الله تعالى. 

عبد الرحمن ابن الجوزي

عبد الرحمن ابن الجوزي([1]): المحدث المفسر المؤرخ الواعظ أبو الفرج  جمال الدين عبد الرحمن بن أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن عبيد الله بن عبد الله بن حُمَّادي بن أحمد بن محمد بن جعفر بن عبد الله بن القاسم بن النضر بن القاسم بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق القرشي التيمي البكري البغدادي الحنبلي، الشهير بابن الجوزي. وُلِد سنة 508 هـ ، وقيل: 510 هـ ، وقيل:514 هـ، وهو أحد أفراد العلماء، برز في علوم كثيرة وانفرد بها عن غيره وجمع المصنفات الكبار والصغار نحواً من ثلاثمائة مصنف وكتب بيده نحواً من مائتي مجلدة، وتفرد بفن الوعظ الذي لم يسبق إليه ولا يلحق شأوه فيه وفي طريقته وشكله وفي فصاحته وبلاغته وعذوبته وحلاوة ترصيعه ونفوذ وعظه وغوصه على المعاني البديعة وتقريبه الأشياء الغريبة فيما يشاهد من الأمور الحسية بعبارة وجيزة سريعة الفهم والإدراك وقد أُوتي حظاً عظيماً في الوعظ وصيتاً بعيداً فيه، فكان يحضر مجالسه الملوك والوزراء والأئمة الكبار. وكان مجلسه لا ينقص عن ألوف كثيرة حتى قيل في بعض مجالسه: إنه حزر الجمع بمائة ألف.

وابن الجوزيّ له ذكاء حاد، يدل على بديهة حاضرة، وعقل متيقظ فمن ذكائه، ومما يحكى عنه: أنه وقع النزاع ببغداد بين أهل السّنة والشيعة فرضى الكل بجواب الشيخ، وهو على الكرسيّ في مجلس وعظه، فسأله أحد: من أفضل البشر بعد نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟

فقال: من كانت ابنته تحته، ونزل في الحال حتى لا يراجع في ذلك فرضي الكل، لأن ابنة أبي بكر رضي الله عنه تحت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وابنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند عليّ رضي الله عنه والكلام يحتملهما.

قال ابن الجوزي: أول ما صنّفت وألّفت ولي من العمر ثلاث عشرة سنة.

ومن تصانيفه في التفسير: المغني، وتذكرة الأريب في معرفة الغريب، ونزهة العيون النواظر في الوجوه والنظائر، وعمدة الراسخ في معرفة المنسوخ والناسخ، وزاد المسير في علم التفسير. وفي التوحيد وعلم الكلام: دفع شبه التشبه، ومنهاج الوصول إلى علم الأصول.

وفي علم الحديث: جامع المسانيد، وغرر الأثر، والموضوعات، والعلل المتناهية في الأحاديث الواهية. كما صنف في الفقه وفي التاريخ والوعظ وعلم الرجال.

ومما يُروى لابن الجوزي، وصيته الشهيرة، حيث قال([2]): يا بني، إعلم أننا من أولاد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وأبونا القاسم بن محمد بن أبي بكر رضي الله عنه ، ثم تشاغل سلفنا بالتجارة والبيع والشراء، فما كان من المتأخرين من رزق همة في طلب العلم غيري، وقد آل الأمر إليك، فاجتهد ألا تخيب ظني فيما رجوته فيك ولك، وقد أسلمتك إلى الله سبحانه وتعالى، وإياه أسأل أن يوفقك للعلم والعمل. وهذا قدر اجتهادي في وصيتي، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والحمد لله مزيد الحامدين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

توفي ابن الجوزي ليلة الجمعة الثاني عشر من شهر رمضان سنة 597 هـ/ 1201 م، وله من العمر سبع وثمانون سنة. وحملت جنازته على رؤوس الناس، وكان الجمع كثيراً جداً، ودفن من الغد بباب حرب عند أبيه بالقرب من الإمام أحمد بن حنبل. وكان يوما مشهوداً حتى قيل: إنه أفطر جماعة من كثرة الزحام وشدة الحر.

قال أبو المظفر سبط ابن الجوزي: أوصى جدّي أن يكتب على قبره([3]):

يا كثير العفو يا من
جاءك المذنب يرجو
أنا ضيف وجزاء
 

 

كثرت ذنوبي لديه
الصّفح عن جرم يديه
الضيف إحسان إليه
 

 

المصدر: كتاب السلالة البكرية الصديقية - الجزء الثاني ، لأحمد فرغل الدعباسي البكري.


تاريخ النشر
يوم 1 رمضان 1438 هـ / 26 مايو 2017 م


([1])  نواسخ القرآن لابن الجوزي 1/8 و47  ،  صيد الخاطر 1/ 9 ، تاريخ الإسلام ت تدمري 42/ 287 ،  البداية والنهاية ط دار الفكر 13/ 28 ،  وفيات الأعيان 3/ 140 ، طبقات الحفاظ للذهبي 4/ 92 ،  سير أعلام النبلاء ط الحديث 15/ 455 ، الموسوعة الصوفية صـ 110-112 ، الوافي بالوفيات 18/ 110 ، سلم الوصول إلى طبقات الفحول 2/ 256 ، شذرات الذهب في أخبار من ذهب 6/ 537-540 ،  التكملة لوفيات النقلة 1/ 394-395 ، معجم المؤلفين 5/ 157 ، الكنى والألقاب 1/ 297-298 ، زاد المسير في علم التفسير: ترجمة ابن الجوزي 1/ 7-8

([2])  صيد الخاطر 1/ 514

([3])  البداية والنهاية  ط هجر 16/ 710 ،  صيد الخاطر  1/ 19 ، الوافي بالوفيات 18/ 114 ، ذيل طبقات الحنابلة 2/ 512 ،  المقصد الأرشد 2/ 98