سلالة الصديق

historybio.jpg

 سيَر ، وتراجم الأعلام من ذرية سيدنا أبي بكر الصديق – رضي الله عنه ، الرجال والنساء والأسباط ، على مر الزمان ، وعلى إمتداد العمران والبلدان .

مرتبة تنازلياً حسب عام الوفاة ، وهو قسم متجدد بإستمرار إن شاء الله تعالى. 

محمد أبو عتيق "الصحابي"

محمد أبو عتيق([1]): أَبو عتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق القرشي التيمي رضي الله عنه، أدرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو وأبوه وجده وأبو جده، أربعتهم، وليست هذه المنقبة لأحد من الأمة غيرهم. وهو والد عبد الله بن أبي عتيق الذي غلبت عليه الدعابة. ورواية أبو عتيق هذا أكثرها عن عائشة رضي الله عنها، وأمه: أميمة بنت عدي بن قيس بن حذافة بن سعد بن سهم القرشية السهمية، قال الزّبير بن بكّار: تزوجها عبد الرحمن بن أبي بكر في حياة النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم.

وُلِد أبو عتيق قبل موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع، وقد ذكره البخاري، فقال: حدثني عبد الرحمن بن شيبة، عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن القاسم، قال: قال موسى بن عقبة: ما نعلم أحداً في الإسلام أدركوا هم وأبناؤهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أربعة إلا هؤلاء الأربعة: أبو قحافة، وابنه أبو بكر، وابنه عبد الرحمن بن أبي بكر، وابنه أبو عتيق بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي قحافة. قال عبد الرحمن بن شيبة: واسم أبى عتيق محمد. ولا يُعرف تاريخ وفاة محمد أبو عتيق على التحديد.

وقيل أن مروان بن الحكم وهو عامل المدينة قد حدّ محمد أبي عتيق، إذ أتى به سكران من الخمر، ذَكر هذا ابن حبيب في "المنمق في أخبار قريش".

ولأبي عتيق عقب يُقال لهم: آل أبى عتيق([2])، من بين ولد أبى بكر الصديق، وذلك أن عدّة من ولد "أبى بكر" تفاضلوا، فقال أحدهم: أنا ابن الصدّيق. وقال الآخر: أنا ابن ثانى اثنين. وقال غيره: أنا ابن صاحب الغار. وقال محمد بن عبد الرحمن هذا: أنا ابن أبى عتيق. فنسب إلى ذلك هو وولده إلى اليوم.

وبمقبرة "البهنسا" بصعيد مصر ضريح ينسب له، وضريح أخر ينسب لوالده عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، حيث ذُكِر أنهما من شهداء موقعة البهنسا إبان فتح مصر.

قلت: هذا مالا دليل عليه، فلم يثبت مشاركة محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر أو والده عبد الرحمن بن أبي بكر في فتح مصر. ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق من الصحابة، ولم يرد اسمه في جملة أسماء الصحابة الذين دخلوا مصر. ولم يذكره الحافظ جلال الدين السيوطي في كتابه "در السحابة فيمن دخل مصر من الصحابة"، ولم يرد في تراجمه ما يشير لقدومه لمصر، ناهيك عن وفاته ودفنه بها، وحادثته المذكورة في ترجمته هنا مع مروان بن الحكم – إن صَحّت –فإنها قد حدثت بعد فتح مصر بزمن طويل. وكذلك فهناك لوحة وضعت بجوار الضريح مكتوب فيها: (هذه قبة محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، أحد الصحابة الذين تولوا إمارة مصر من قِبل علي بن أبي طالب واستشهد في صحراء مصر)، ونجد هنا مغالطة تاريخية، فلم يتولى محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ولاية مصر زمن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، بينما من تولاها زمنه هو محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، وكذلك فمقتل محمد بن أبي بكر الصديق لم يكن بالبهنسا (بالصعيد الأدنى) وإنما كان بالقرب من القاهرة، وقيل بالقرب من محافظة الشرقية بشرق الدلتا. فكل هذه الأدلة والشواهد تؤيد أن هذه المقبرة المنسوبة لمحمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق إنما هي مقبرة وهمية، وكذلك المقبرة الأخرى المنسوبة لوالده الصحابي عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما. والله أعلم بحقائق الأمور.

المصدر: كتاب السلالة البكرية الصديقية - الجزء الثاني ، لأحمد فرغل الدعباسي البكري.


تاريخ النشر
يوم 1 رمضان 1438 هـ / 26 مايو 2017 م


([1])  الاستيعاب في معرفة الأصحاب (3/ 1374 و 4/ 1712) ، أسد الغابة ط الفكر 5/ 208 ، المقتنى في سرد الكنى 1/ 386 ، تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل 1/ 280 ، الإصابة في تمييز الصحابة  8/ 34 ، نسب قريش 1/ 278 ، جمهرة نسب قريش وأخبارها 2/ 606 ، أنساب الأشراف للبلاذري 10/ 105 ، المنمق في أخبار قريش 1/ 397 ، التبيين في أنساب القرشيين 1/ 276-277 . در السحابة فيمن دخل مصر من الصحابة لجلال الدين السيوطي "مخطوط"

  • ملحوظة: ذكر مجد الدين ابن الأثير (المتوفى سنة 606 هـ) في "المرصع في الأباء والأمهات والبنين والبنات والأذواء والذوات" أن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق – رضي الله عنهما – كان يُدعى بـ (ابن أبي ليلى)، وأن ولده محمد أبو عتيق بن عبد الرحمن كان أيضاً يُدعى (ابن أبي ليلى) وأنه – أي محمد أبو عتيق - كان تابعي كبير مشهور، وإمام مشهور في الفقه صاحب مذهب وقول، ثم قال: وإذا أطلق المحدّثون "ابن أبي ليلى" فإنهم يعنون عبد الرحمن، وإذا أطلق الفقهاء "ابن أبي ليلى" فإنما يعنون محمد بن زياد بن أبيه. انظر: المرصع في الأباء والأمهات صـ 53

قلت: وَهَم ابن الأثير، فعبد الرحمن الملقب بابن أبي ليلى ليس (عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق) وإنما هو: عبد الرحمن بن أبي ليلى واسمه "يسار" – ويُقال داود -بن بلال بن أحيحة بن الجلاح بن الحريش بن جحجبا بن كلفة بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس الأنصاري.

وولده محمد بن عبد الرحمن: هو التابعي الفقيه المشهور قاض الكوفة، بينما (محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق) لم يكن تابعياَ ولا قاضياً، وإنما هو صحابي مشهور.

كما أن (عبد الرحمن ابن أبي ليلى الأنصاري) كان تابعياً ولم يكن صحابياً، وإنما الصحابي هو أبوه (يسار بن بلال) المكنى بأبي ليلى. فليُعلَم.

انظر: الطبقات الكبرى ط العلمية 6/ 166 ، جمهرة أنساب العرب لابن حزم 1/ 335 ، نسب معد واليمن الكبير 1/ 372 ، الجوهرة في نسب النبي وأصحابه العشرة 1/ 428 ، تاريخ بغداد وذيوله 10/ 197 ، تاريخ دمشق لابن عساكر 36/ 76 ، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 303-304 ، الثقات لابن حبان 5/ 100 ، تهذيب الكمال في أسماء الرجال 17/ 372-373 ، الكامل في ضعفاء الرجال 7/ 390 ، طبقات خليفة بن خياط 1/ 252-253 ، سير أعلام النبلاء ط الرسالة 4/ 262-263 ، وفيات الأعيان 4/ 179

([2])  المعارف لابن قتيبة 1/ 174 ،  وفيات الأعيان 3/ 70