سلالة الصديق

historybio.jpg

 سيَر ، وتراجم الأعلام من ذرية سيدنا أبي بكر الصديق – رضي الله عنه ، الرجال والنساء والأسباط ، على مر الزمان ، وعلى إمتداد العمران والبلدان .

مرتبة تنازلياً حسب عام الوفاة ، وهو قسم متجدد بإستمرار إن شاء الله تعالى. 

عبد الله ابن أبي عتيق

عبد الله ابن أبي عتيق([1]): عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم، وهو الذي يُقال له: ابن أبي عتيق، ويكني بأبي بكر. قيل له ابن أبي عتيق: لأنه رَمى بسهم فقال: أصبت وأنا ابن أبي عتيق يعني أبا قحافة، ويُقال: إن محمد بن عبد الرحمن هو من كان يكنى أبا عتيق فورث عنه ولده عبد الله اللقب، وهذا أثبت وأوثق.

أمه: رميثة بنت الحارث بن حذيفة بن مالك بن ربيعة بن أعيا بن مالك بن علقمة بن فراس بن غنم من بني كنانة.

وقيل بل أمه: رميثة بنت الحارث بن الطفيل بن سَخبرة بن خريم بن خزيمة بن عائذ بن مرة بن جشم بن الأوس بن عامر بن جشم بن عامر بن نصر بن الأزد الأزدية، وقيل: رميثة بن الحارث الطفيل بن سخبرة بن جرثومة بن عبادة بن مرة بن جشم بن أوس بن النمر بن عثمان بن الأزد، وهي أخت عوف بن الحارث وهو رضيع عائشة أم المؤمنين، وابن أخيها لأمها، أصله من اليمن، ذكر هذا ابن حبان (المتوفى سنة 354 هـ).

قلت: الأول أثبت عندي وأرجح، حيث ذكره مصعب بن عبد الله الزبيري (المتوفى سنة 236 هـ) في نسب قريش وهو الأعلم بأنساب القرشيين، وكذا ذكره ابن سعد (المتوفى سنة 230 هـ) في الطبقات الكبرى، وهما أقدم زمنياً من ابن حبان. والله أعلم بالصواب.

حدّث عبد الله عن أبيه، وعن عمة أبيه: أم المؤمنين عائشة، ونزل في قبرها حين دفْنها، ورَوى عنه إبناه: عبد الرحمن ومحمد. واشتهر بالدعابة والفكاهة والمزاح والنوادر، وقصص مزاحه ودعاباته كثيرة للغاية. وقد ألفّ فيها أبو أيوب سليمان بن أيوب المديني كتاب أسماه: أخبار ابن أبي عتيق. تُوفي ابن أبي عتيق في حدود سنة 110 هـ، وقيل قبلها: سنة 101 هـ.

من طرافاته: اقتتل غلمان عبد الله بن العباس رضي الله عنهما، وغلمان عائشة رضي الله عنها، فأُخبِرت عائشة بذلك، فخرجت في هودجٍ على بغلةٍ لها، فلقيها ابن أبي عتيق، فقال: أي أمي جعلني الله فداك، أين تريدين؟ قالت: بلغني أن غلماني وغلمان ابن عباس اقتتلوا، فركبت لأصلح بينهم، فقال: يعتق كل ما يملك إن لم ترجعي! فقالت: يا بني، ما حملك على هذا؟ قال: والله ما غسلنا رؤوسنا من يوم الجمل بعد، فكيف إذا قيل يوم البغل! فضحكت وانصرفت.

وقد دخل على عمته أم المؤمنين عائشة في مرضها الذي ماتت فيه، فقال: يا أمه كيف تجدينك جعلت فداك؟ قالت: هو الموت يا ابن أخي، فقال: إذن لاجعلني الله فداك فإني ظننت أن في الأمر سعة، فقالت: لا تدع هذا على حال، تعني المزاح.

ومنها أنه قال لنافع بن جبير بن مطعم بن عدي: يا نافع قد كنت مرجواً قبل هذا، فقال نافع: ما أصنع بمن صح نسبه وبذؤ لسانه.

ترجم له السيد محمد توفيق البكري (المتوفى سنة 1351 هـ /1932 م) في كتابه "بيت الصديق" فقال([2]): (هو ريحانة المجد والأدب ونابغة فضلاء العرب، وآثاره مشهورة في كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني وكلها تدل على علم ونبل وذوق وفضل ودعابة مع شرف وظرف في عفة وصيانة. وكان بيته مألف الشعراء والأدباء، وكانت إليه الرحلة من كل فاضل وفصيح من أهل الآفاق) اهـ.

تزوج عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما من ابنة عبد الله ابن ابي عتيق، وكان ابن أبي عتيق معه حين مقتله، وقد ورد في "نسب قريش" أنه: حينما جاء أبو ريحانة الجمحي بمدد للحجاج بن يوسف الثقفي وأشرف على أبي قبيس، وهو الجبل الذي في الصفا، فصاح: "أنا أبو ريحانة! أليس قد أخزاكم الله يا أهل مكة؟ قد أقدمت البطحاء من أهل الشأم، أربعة آلاف!"، فقال عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، وكان مع ابن الزبير، وهو الذي يقال له: ابن أبي عتيق: "بلى والله! قد أخزانا الله!" قيل: "هلا قال لم نطقهم، وهم سبعمائة، فنطيقهم الآن، وهم أربعة آلاف!". وكذلك جاء في "جمهرة نسب قريش" أن أهل الشام كانوا وهم يقاتلون عبد الله بن الزبير بمكة، يصيحون به: يا ابن ذات النطاقين، ويظنونه عيباً!، فيقول ابن الزبير ابنها: والإله أنا والله، وهي كما قال أبو ذؤيب الهذلي:

وعيّرها الواشون أنّي أحِبها
فإن أعتذر منها فإني مكذب
 

 

وتلك شكاةٌ ظاهرٌ عَنكِ عَارُها
وإن تعتذر يُرَددُ عليها اعتذارها
 

ثم يُقبل على ابن أبي عتيق، عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق فيقول: ألا تسمع يا ابن أبي عتيق؟.

ولعبد الله ابن أبي عتيق من الأولاد: محمد، وأبو بكر، وعثمان، وعبد الرحمن، وعمر، وعاتكة، وعائشة، وزينب، أمهم: أم أبيها بنت عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، وله: عائشة بنت عبد الله وقيل اسمها: أم كلثوم، أمها: أم ولد، وله أيضاً: آمنة بنت عبد الله، وأمها: أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله بن عثمان التيمي وأختها لأمها فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم.

وقال الشاعر الشهير قيس بن ذريح يمدح ابن أبي عتيق:

جزى الرحمن أفضل ما يجازي
فقد جربت إخواني جميعاً
سعى في جمع شملي بعد صدع
وأطفأ لوعة كانت بقلبي
 

 

على الإحسان خيراً من صديق
فما ألفيت كابن أبي عتيق
ورأي حدت فيه عن الطريق
أغصتني حرارتها بريقي
 

 

المصدر: كتاب السلالة البكرية الصديقية - الجزء الثاني ، لأحمد فرغل الدعباسي البكري.


تاريخ النشر
يوم 1 رمضان 1438 هـ / 26 مايو 2017 م


([1])  الطبقات الكبرى ط العلمية (5/ 149و 8/ 61) ، تاريخ الإسلام ت بشار 3/ 81 ، تاريخ دمشق لإبن عساكر 32/ 238-239 ، مختصر تاريخ دمشق (5/ 335 و 13/ 293 و 26/ 104) ، نسب قريش (1/ 278 و 1/ 393) ، جمهرة نسب قريش وأخبارها ( 1/ 325 ، 2/ 591 ، 2/ 606-607) ، أخبار مكة للفاكهي 2/ 362 ، تسمية من روي عنه من أولاد العشرة 1/ 79 ، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم 6/ 88 ، معجم الأدباء 3/ 1386 ، وفيات الأعيان 3/ 17 ، الثقات لابن حبان (4/ 244 ، 5/ 275) ، أنساب الأشراف للبلاذري 1/ 420-421 ، الوافي بالوفيات (3/ 184 و 17/ 229) ، معجم الصحابة للبغوي 3/ 430 ، معجم الصحابة لابن قانع 2/ 50 ، التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة 2/ 82 ، الإستيعاب في معرفة الأصحاب 2/ 757 ، تهذيب الكمال في أسماء الرجال (13/ 389-392 ، 16/ 65 ، 22/ 441-442 ، 35/ 176) ، إكمال تهذيب الكمال 8/ 175 ، التبيين في أنساب القرشيين 1/ 277

([2])  بيت الصديق لمحمد توفيق البكري صـ 245