ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ
عبد الله بن أبي بكر الصديق([1]): عبد الله بن أبي بكر الصديق القرشي التيمي رضي الله عنه. صحابي من المسلمين الأوائل، وهو شقيق أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما. قال ابن إسحاق: أقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الغار ثلاثا ومعه أبو بكر، وجعلت قريش فيه حين فقدوه مائة ناقة لمن يرده عليهم. وكان عبد الله بن أبي بكر يكون في قريش نهاره معهم يسمع ما يأتمرون به وما يقولون في شأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر، ثم يأتيهما إذا أمسى فيخبرهما الخبر. وكان عامر بن فهيرة مولى أبي بكر رضي الله عنه يرعى في رعيان أهل مكة، فإذا أمسى أراح عليهما غنم أبي بكر فاحتلبا وذبح، فإذا عبد الله بن أبي بكر غدا من عندهما إلى مكة، اتبع عامر بن فهيرة أثره بالغنم حتى يعفي عليه حتى إذا مضت الثلاث وسكن عنهما الناس أتاهما صاحبهما الذي استأجراه ببعيريهما وبعير له وأتتهما أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها بسفرتهم.
وذكر أصحاب المغازي أنه رُمى بسهم في حصار الطائف، فجرح، ثم اندمل ثم انتقض، فمات في خلافة أبيه في شوال سنة 11 هـ / 632 م بالمدينة المنورة. ورُوي عن القاسم بن محمد بن أبي بكر أنه قال([2]): (رُمي عبد الله بن أبي بكر بسهم يوم الطائف، فانتقضت به بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأربعين ليلة، فمات. فدخل أبو بكر على عائشة، فقال: "أي بنية، والله لكأنما أخذ بأذن شاة، فأخرجت من دارنا"، فقالت: "الحمد لله الذي ربط على قلبك، وعزم لك على رشدك"، فخرج ثم دخل، فقال: "أي بنية، أتخافون أن تكونوا دفنتم عبد الله وهو حي؟" فقالت: "إنا لله وإنا إليه راجعون يا أبت"، فقال: "أستعيذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، أي بنية إنه ليس أحد إلا وله لمتان: لمة من الملك ولمة من الشيطان". قال: فقدم عليه وفد ثقيف، ولم يزل ذلك السهم عنده فأخرج إليهم، فقال: "هل يعرف هذا السهم منكم أحد؟" فقال: سعد بن عبيد أخو بني العجلان هذا سهم أنا بريته ورشته وعقبته، وأنا رميت به، فقال أبو بكر: "فإن هذا السهم الذي قتل عبد الله بن أبي بكر، فالحمد لله الذي أكرمه بيدك، ولم يهنك بيده، فإنه واسع الحمى) اهـ.، وقيل بل أن أبا محجن الثقفي هو من قتله.
وتزوج عبد الله بن أبي بكر من عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل العدوية القرشية، وكان بها معجباً، فشغلته عن أموره، فقال له أبوه طلقها، فطلقها، ثم ندم فقال:
أعاتك لا أنساك ما ذر شارق |
|
وما لاح نجم في السماء محلق |
فلمّا سمعه أبو بكر رقَّ له فأمره بمراجعتها، فراجعها، ومات وهي عنده بعد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بأربعين ليلة، ونزل حفرته عمر وطلحة وعبد الرحمن بن أبي بكر، وكان يُعد من شهداء الطائف. وقد رثته زوجته عاتكة بتلك الأبيات:
رزئت بخير الناس بعد نبيهم |
|
وبعد أبي بكر، وما كان قصّرا |
وأعقب عبد الله: إسماعيل، فهلك، ولا عقب له. وقد انقرضت ذرية عبد الله بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما.
المصدر: كتاب السلالة البكرية الصديقية - الجزء الثاني ، لأحمد فرغل الدعباسي البكري.
تاريخ النشر
يوم 1 رمضان 1438 هـ / 26 مايو 2017 م
([1]) الإصابة في تمييز الصحابة 4/ 24، سيرة ابن هشام ت السقا 1/ 486 ، التبيين في أنساب القرشيين 1/ 278 ، الجوهرة في نسب النبي وأصحابه العشرة 2/ 117 ، الأعلام للزركلي 4/ 99
([2]) المستدرك على الصحيحين للحاكم 3/ 543